من الظهور إلى تحقيق القيمة: النتائج هي المطلب الجديد للمسوقين

يعيش مجال التسويق اليوم لحظة حاسمة في تاريخه، لفترة طويلة، كان القطاع منقسمًا بين سرد قصص العلامة التجارية وقياس الأداء، بين التأثير واستخدام الأدوات التقنية، لكن الواقع لم يعد ثنائيًا بهذه البساطة، ولم تعد الشركات تسأل "ماذا فعل التسويق؟"، بل "ما هي النتائج التي حققها؟"، هذا السؤال ليس جديدًا، ولكن الجديد هو الإلحاح الشديد للإجابة عليه.
هذا التحول ليس مجرد تغيير نظري، بل هو تعديل تجاري ضروري، حيث تطالب مجالس الإدارة والمدراء الماليون بأكثر من مجرد مؤشرات وأرقام؛ إنهم يريدون نتائج ملموسة تؤثر فعليًا على الأعمال، في بلاتفورمانس، أسسنا شركتنا على هذا المبدأ الأساسي: يجب أن يخضع التسويق لنفس المعايير التي تخضع لها جميع الوظائف التجارية الأخرى، من حيث الإنفاق والنتائج والدليل القاطع، إذا لم يؤثر التسويق بشكل مباشر على مؤشرات الأداء التجارية، فهو بدون أي قيمة.
نهاية التخمين في التسويق
مرّ التسويق بثلاث مراحل رئيسية في المرحلة الأولى، التي كانت تركز على التأثير، كان الإبداع والشهرة والحدس أهم شيء، حيث كان يعتمد على وكالات الإعلان، وكانت مقاييس النجاح هي مدى الوعي بالعلامة التجارية وعدد الأشخاص الذين تم الوصول إليهم وتذكرهم للإعلانات، كان هذا الأسلوب يعتمد على العاطفة لكنه يفتقر للمسؤولية والقياس الدقيق.
ثم جاءت المرحلة الثانية مع ظهور الأدوات الرقمية، حيث أصبح بإمكاننا قياس البيانات بدقة من خلال النقرات، والانطباعات، والتنزيلات، والمشاهدات، رغم هذه القدرة على القياس، فقدنا التركيز على القيمة الحقيقية، بالضغط على إعلان (النقرة) لا يعني بالضرورة أن العميل أصبح فعليًا، وتنزيل التطبيق لا يعني أن عملية شراء تمت.
في المرحلة الثالثة التي نعيشها الآن، يتركز التسويق على النتائج الحقيقية، إذ لم يعد الهدف هو القيام بالكثير من الأنشطة، بل إثبات أن هذه الأنشطة تحقق تأثيرًا واضحًا، يعمل المسوقون الآن جنبًا إلى جنب مع فرق المبيعات والمالية لبناء نموذج مشترك يوضح القيمة الحقيقية للعمل، وهذا يتطلب تغيير طريقة التفكير من الاعتماد على أرقام منفصلة إلى فهم شامل للأثر التجاري.
لماذا الإعلان هو نقطة الضغط الرئيسية
التحول في التسويق يتجلى بشكل واضح في مجال الإعلان، لأنها الجزء الأكثر وضوحًا وأكثر تكلفة في استراتيجيات التسويق، فإن مجالس الإدارة لا تتابع تفاصيل التسعير أو إدارة علاقات العملاء، بل تركيزها ينصب على الإعلان فقط، وإذا لم يثبت الإعلان قدرته على تحقيق عائد ملموس، يفقد قسم التسويق ثقة الإدارة.
الإعلان هو المكان الذي يُكسب فيه الثقة أو تُفقد، لذلك، يبدأ عصر النتائج من هنا، عندما يفشل الإعلان في جذب العملاء وتحقيق المبيعات، ليست المشكلة فقط في وسائل الإعلام المستخدمة، بل في مصداقية التسويق نفسه.
في بلاتفورمانس، نؤمن أن التسويق يجب أن يرتبط بنتائج تجارية حقيقية ومؤكدة، لهذا السبب طورنا أول نظام دفع في المنطقة يعتمد على النتائج الفعلية، كل دولار أو درهم أو ريال يتم إنفاقه يجب أن يؤدي إلى نتائج أعمال مثبتة و مرصودة، وليس مجرد أرقام على لوحة تحكم، بل نتائج حقيقية في الأرباح.
التسويق المبني على النتائج ليس مجرد كلمة شائعة، بل هو ضرورة حقيقية
بعض الناس يعتقدون أن كلمة "النتائج" تعني نفس عائد الاستثمار (ROI) لكن الفكرة أكبر من ذلك، عائد الاستثمار غالبًا ما يُستخدم لقياس نجاح الحملات في فترة قصيرة وعلى مستوى القنوات فقط، أما التسويق القائم على النتائج فيشمل كل مراحل رحلة العميل، من بناء العلامة التجارية، إلى جذب العملاء، والحفاظ عليهم، وزيادة الأرباح، والسؤال الأساسي هو: هل هذا العمل حقًا أضاف قيمة؟ وهل يمكن إثبات ذلك؟
وهذا النوع من التسويق لا يقتصر فقط على المتاجر الإلكترونية أو العلامات التي تبيع مباشرة للمستهلكين، بل يُطبق بنجاح في البنوك، وشركات الاتصالات، والشركات الكبيرة، وحتى في الحملات الحكومية. الطريقة تختلف، لكن المبدأ واحد: الإنفاق، النتائج، والتحقق.
مثال جيد على ذلك هو بنك أبوظبي الأول، الذي حول طريقة قياس التسويق من مجرد نشاطات إلى نتائج فعلية للأعمال، وكانت النتيجة زيادة 20 مرة في عدد العملاء الجدد عبر الإنترنت، وأكثر من 100 ألف عملية بيع مؤكدة، بهذا، لم يزد التسويق مصداقية فقط، بل أصبح سببًا رئيسيًا في نمو البنك.
لماذا الآن؟
هذا التغيير يحدث لأن الظروف الحالية تجبرنا عليه، الميزانيات أقل، والذكاء الاصطناعي يجعل الأمور أكثر تعقيدًا، وقوانين الخصوصية أصبحت أشد، والأهم من ذلك، الشركات لم تعد تملك صبرًا، فهي تريد من قسم التسويق أن يثبت أن التكاليف تستحق، مثل أي قسم آخر في الشركة.
التسويق المبني على النتائج ليس سهلًا، يحتاج إلى أدوات قياس دقيقة داخل الشركة، وتعاون بين الأقسام، ودعم من المديرين، يعني أيضًا أن ننتقل من تقارير المنصات الخارجية إلى بيانات حقيقية ومباشرة من داخل الشركة، كما يحتاج المسوقون لفهم أعمق للشؤون المالية، أي أن يتحدثوا لغة الأرقام والأعمال وليس فقط التركيز على حملات التسويق.
من الأرقام إلى الفهم الحقيقي
في بلاتفورمانس، نحن فخورون بأن نكون جزءًا من مجتمع IAB في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي يساعد في تطوير هذا المجال، كأعضاء جدد، نحرص على قيادة التغيير نحو تسويق يمكن قياسه ومحاسبته بسهولة، نحن نؤمن بشيء بسيط: النتائج هي أهم شيء يجب التركيز عليه.
هذا لا يعني أن نترك الإبداع جانبًا أو نستبدله بالأرقام فقط، بل يعني أن نجعل الإبداع قابلاً للقياس والتقييم، لا نريد أن نوقف العمل على بناء العلامة التجارية، بل نريد أن نثبت أنه يحدث فرقًا فعليًا، يجب أن يكون لدينا حرية التجربة والابتكار، ولكن مع القدرة على قياس النتائج والتأكد منها.
الطريق القادم
في السنوات القادمة، سيتميز المسوقون الذين يستطيعون ربط عملهم بنتائج فعلية تؤثر على نمو الشركة، نحن نؤمن أن عصر النتائج ليس مستقبلًا بعيدًا، بل هو واقع نعيشه الآن.
النجاح سيكون للمسوقين الذين يستطيعون أن يشرحوا بسهولة وبثقة ما صرفوه من ميزانية، وما النتائج التي حققوها، وكيف ساعد هذا في تطوير الأعمال.
الأمر ليس مجرد أرقام في تقارير أو نظريات، بل نتائج حقيقية تُشعر بها الشركة وتنمو بها.